اى ارضاء لله هذا

فى كل بقاع الأرض تجد أن الإنسان يقتل أخاه الإنسان، ويشرب من دمه تحت بند الاختلاف.. الاختلاف فى ماذا؟.. الاختلاف فى الدين؟ لا أدرى لماذا هذا العامل بالذات من كل الاختلافات المعروفة هو الذى يدفع سكان كوكب الأرض إلى التناحر والقتال.. ولا حل له إلى الآن.. بلا شك هناك عوامل أخرى تسيدت مظاهر التمييز فى هذا الكوكب وعلى رأسها لون البشرة بين البيض والسود ورغم محدوديتها وانحسارها فى الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، فإن البلدين بذلا الكثير حتى يجتازا هذه السقطة البشرية.. وها هو اليوم قد جاء والبلدان تحت حكم رجلين أسودين.. إلا عامل الدين فما زال يمثل هاجساً ضخماً وفصلاً نفسياً بين البشر يفوق فصل المحيط الأطلسى لأفريقيا وأمريكا الجنوبية..

أحياناً يجول بخاطرى من وحى كاريكاتير جميل شاهدته فى إحدى الصحف على خلفية خناقة بين عائلتين مختلفتين فى الديانة.. عبارة عن شخصين متطابقين تماماً فى كل شىء.. فى الشكل والطول والعرض والإفلاس.. ولكن هذا يقول للآخر «أنا أحسن منك»!! لماذا؟ شىء يجنن..

فنحن نملك آلاف الفروق بيننا وبين بعضنا.. على مقياس الجغرافيا فى مصر هذا منصورى وهذا سكندرى وهذا قاهرى وهذا صعيدى وهذا منوفى.. وفى ليبيا تجد هذا الطرابلسى وهذا الزليتنى وهذا الإجدابى وهذا السرتاوى وهذا البنى غازى.. هل يعلن كل تجمع مطالبته بحقوقه للفروق بينه وبين الآخرين؟! فكرت كثيراً لماذا الدين بالذات هو سيد الفروق؟ وهو الذى يقود إلى ما نراه من ترهات ومنازعات ومآسٍ فى البوسنة والهرسك، والعراق وأفغانستان، والفتن التى تطلق هنا وهناك، وأخيراً استشهاد الدكتورة مروة الشربينى فى ألمانيا..

سأتحدث عن الإسلام.. الذى ينص صراحة بلا لبس ولا لف ولا دوران على أنه لا إكراه فى الدين.. ولا تعارض بين مبدأ الدعوة وعدم الإكراه.. ولا كره فى الإسلام لأى أحد من أى نوع.. إنما النصح لا غير إذن ماذا يحدث.. منذ سنوات يفاجئنا بوش بعبارة الحروب الصليبية، التى قالها علنا فى مؤتمر صحفى!!.. ثم أوباما ليخطب ودنا جاء يعزف على أوتار الدين أيضا ليقول لنا «نحن أصدقاء»!

عدت إلى التاريخ السحيق لأبحث هل الإسلام كان طرفاً فى كل مقارع التاريخ ومذابحه؟.. فهالنى أن اكتشفت تاريخاً أسود وأحمر، هذا الذى كان بين الأرثوذكس والكاثوليك.. ثم فاصلاً دموياً لا يقل شراسة كان أبطاله البروتستانت مع غيرهم من الملل ولعل آخر معاقلهم هو الموجود حالياً فى أيرلندا الشمالية، التى تطالب بالانفصال على أساس دينى عن بريطانيا.. التاريخ يذكرنا بمجازر الهندوس والسيخ فى الهند.. والمسلمين والهندوس.. والشيعة والسنة.. ثم اليهود والمسيحيين.. واليهود والمسلمين اليوم..

باختصار تجد أن تسعين فى المائة من حروب العالم ومآسيه تمت على أساس اختلاف دينى!!.. واليوم نحن نعيش عصر دولة إسرائيل التى تعلنها علناً أنها دولة على أساس دينى يهودى، وأن جميع الفوارق العرقية واللغوية و«البتنجانية» تذوب فى بوتقة «أنا يهودى»!! وهل هو سحر الجنة، أم وهم إرضاء الله على حساب دم البشر.. حقيقة لا أدرى!!

منقول من المصرى اليوم